Friday, August 2, 2013

دولة الإسلام.. دولة الحرية

 علي الدين غيث
يفسر لنا جون لوك "أحد مؤسسي الفكر الليبرالي" الحرية في سطرين إذ يقول: "الحرية الكاملة هي التحرك ضمن القوانين الطبيعية وإمكانية اتخاذ القرارات الشخصية والقرارات بشأن الملكية الخاصة دون قيود، كما يريد الإنسان ودون أن يطلب هذا الإنسان الحق من أحد، ودون التبعية لإرادات الغير أيضا".
يعتبر جون لوك أحد أول الناس الذين سطروا خطوطًا يتكلمون فيها عن الحرية بعيدًا عن الدين، وتطور مفهوم الحرية لديه حتى وصل إلى أسس وقواعد معينة "تدّعي" دول الغرب أنها تتبعها.
وتنقسم الحرية في المنظور الليبرالي والعلماني إلى نقطتين:
أولاً: الجانب العقلاني للحرية وفيه التخلص من كل القيود الموضوعة على الإنسان "عقائديًّا وفكريًّا...إلخ"
ثانيًا: الجانب السياسي وهو تحرير الإنسان مما يسمونه "أفكار غير متحضرة".
إبطال حجج الليبراليين والعلمانيين
الحرية الفكرية: أعطى الله الإنسان حريته الفكرية.. فهو الكائن الوحيد الذي ينطق على وجه الأرض ويستطيع بذلك أن يعبر عن نفسه وعن أفكاره.. وتركه الله في هذه الدنيا مخيرًا لا مسيرًا، وهذا تشريف في حد ذاته وإجلال للعقل.. ويجلّ الله هذه النعمة في كتابه العزيز إذ يقول: {أَفَلَا تَتَفَكَّرُ‌ونَ} [الأنعام:50]. إذًا الإسلام أعطى للناس حريتهم الفكرية كاملة دون نقص، وهذه نقطة مهمة، كما أنه لم يفرض دين الإسلام على أحد وأيضًا لم ينزل على الرسول مذهبًا فقهيًا معينًا ليتبعه الناس.. بل دعاهم للتفكر، وأصبح في الإسلام المذاهب الفقهية الأربعة الشهيرة وكلها صحيحة ومن اتبع أيًّا منها فلا إثم عليه، وهذا دليل آخر على إعمال العقل في الإسلام.
الحرية الجسدية: يقال إن الإسلام قد سلب المرأة حريتها الجسدية.. وكذلك الرجل
إذا كان الله قد أعطى للإنسان حريته الفكرية وسلبها من الحيوان, فإنه أعطى للحيوان حريته الجسدية وسلبها من الإنسان فما الحكمة في ذلك؟! إن الإنسان إذا تخلى عن عقله فإنه يصبح كالحيوان في تخلفه, وكذلك إن أخذ حريته الجسدية, فإنه يصبح حيوانًا يمشى على الأرض لا يستر عورته ولا يحجب ما لا يجوز أن يُرى من جسده.
إذًا فكل من يدعون إعلاء مبادئ التقدم والرقي في التخلص من القيود الجسدية من الليبراليين ما هم إلا كاذبون ومضللون؛ إذ إنهم هم من يدعوننا إلى أن نكون كالحيوانات أو نكون كالإنسان الأول الجاهل الغبي الذي لا يظهر عليه أي معلم من معالم الحضارة، وهم من يدعون إلى التخلف وليس نحن.
الحرية الفكرية: فلننظر كيف كانت الحرية في أزهى عصورها أيام الخلافات الإسلامية، والقصص كثيرة لا يتسع المكان لسردها, ولننظر الآن كيف أن الحرية الغربية هي حرية حيوانية جاهلية حيث إنها حرية جسدية فقط، أما الحرية الفكرية والعقلية فهم بعيدون كل البعد عنها باتهاماتهم السخيفة لكل من يعارضهم، فنجد أن أي شخص يعارض سياساتهم يواجه بسيل من الاتهامات الباطلة من قبيل (معادٍ للسامية, داعم للفاشية, نازي, إرهابي....إلخ) وهي التهم السخيفة التي سئمنا سماعها.
وأسأل شعوب الغرب وحكامهم دعاة التقدم والرقى والديمقراطية الزائفة: ماذا ستفعلون لو أن أحدهم سبّ رئيسكم أو اعتدى على موكبه؟ بالتأكيد سيلاقي إما التعذيب أو القتل كالفتاة التي قامت أثناء زيارة نتنياهو للولايات المتحدة واعترضت على سياساته ووصفتها بالعنصرية فقامت قوات الأمن بسحلها وتعذيبها ولا أحد يعرف مكانها إلى الآن..
هل حريتكم هي تعذيب الصحفي منتظر الزيدي عندما قذف بوش بالحذاء حتى تسببتم له في مرض نفسي؟! أهذه هي الحرية؟!
وهنا في الإسلام أذكر قصتين شديدتي التشابه مع القصتين السابقتين إذ يروى أن عمر بن عبد العزيز دخل المسجد ذات ليلة فداس على قدم أحد القاعدين فقال له الرجل: "أأعمى أنت؟" فردّ عمر بكل بساطة: "لا" فلما أراد حارسه أن يبطش بالرجل نهاه عمر وقال له: "لقد سألني فأجبته".. ماذا كنتم ستفعلون لو حدث شيء مشابه مع أحد حكامكم؟
والقصة الثانية إذ كان يمر موكب الخليفة معاوية بن أبى سفيان فقذفه أحد الأطفال بالطوب فهَمَّ الحراس بقتل الطفل ولكن معاوية رفض بشدة ومنعهم من ذلك.
هذا هو الفرق بين الحرية الإسلامية -المبنية على التسامح والعفو والكلام الطيب-, وحريتكم الزائفة التي تساوى الإنسان بالحيوان.

No comments:

Post a Comment