قلب أحمر، راحتان وضوء..
للوهلة الأولى لاحظت اختلاف اللون بين راحتي اليد، حيث نرى احداهما سمراء والاخرى بيضاء.
في البدء ظننت أن سبب اختلاف اللون يعود إلى تلاعب الفنان بالضوء لا غير.. لكني بسبب معرفتي أن كل شيء في الفن له معناه المميز ورمزيته الخاصة التي علينا ألا نأخذها من نظرة سطحية بسيطة، فقد ذهبت بعيدا محاولة البحث عما وراء المعنى، أو على أقل تعبير: ذهبت لأبحث عما تثير فيّ رموز اللوحة من هواجس.
اختلاف لون الكفين، بروز إظفر من احداهما واطباق احدى الكفين على القلب بشكل أقوى، أوحى إلي بما يسمى “مفارقة الحب” في الحياة..
تلك المفارقة التي تقول انه في كل حب هناك من يحب الآخر أكثر، من يخلص للآخر أكثر، يضحي له أكثر ومستعد للتمسك به حتى الرمق الأخير.
فميزان الحب غير متكافئ.. غالبا سنجد طرفا قويا وطرفا ضعيفا، أو طرفا “ظالما” واخر “مظلوما”.
من منظار آخر، قد نرى أن اللوحة تتحدث عن قلب الانسان وما يمكنه أن يصنع في الحياة.. قد يملأ الدنيا نورا وبياضا وقد يملأها عنفا وسوادا، أي أن الانسان باستطاعته اختيار الطريق التي يريد سلكها مع الآخرين: طريق الحب او طريق الكره، طريق النور أو طريق الظلام.
من ناحية أخرى، يمكننا أن نرى أن اللوحة تعبير لماهية الانسان. اذ اننا جميعا كتلة من التناقضات، نحوي في داخلنا جوانب مظلمة وجوانب مشرقة، صفات جيدة وصفات سيئة، جانب خيّر وجانب سيء، جانب ملائكي وجانب شيطاني.. ولكننا قد نختلف عن بعضنا بسيطرة أحد الجانبين المتناقضين علينا.. أشخاص قد يسيطر الجانب المظلم عليهم، وآخرون قد يسيطر الجانب الأبيض والمشرق.
حين رحلت إلى افق اخر من التفكير، أثارت فيّ اللوحة هاجسا آخر..
الكفان مختلفتا اللون والقلب بينهما، ذكروني بحروب الانسان: الابيض والاسود، الشرق والغرب، الشمال والجنوب.. وغيرهم من الحروب البشرية التي تندلع تحت اسم السلام وتحت ادعاءات كثيرة- كالتي نشاهدها مؤخرا- والتي تدعي بأن كل مساعيها هي نية صافية من اجل احكام القبض على السلام ونشره في الدنيا.
وكم من الجرائم ترتكب باسمك ايها السلام !
قد تحمل اللوحة معان كثيرة، وكل واحد منا قد يرى شيئا مختلفا عن الآخر – هذا ما يعطي الفن سموا وقوة في الحضور-
وكما يقال في علم النفس، إن تأويلاتنا للمعاني هي مجرد انعكاس لافكارنا واسقاط لما يشغل بالنا على الاشياء من حولنا..
بقلم: أحلام رحال
No comments:
Post a Comment